الْحَمْدُ
 للهِ الَّذِي خَلَقَ الإِنْسَانَ، وَعَلَّمَهُ الْبَيَانَ، وَزَيَّنَهُ 
بِالْعَقْلِ، وَشَرَّفَهُ بِالإِيمَانِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ  بِالإِسْلاَمِ،
 وَمَيَّزَهُ بِالْعَقْلِ وَاللِّسَانِ عَنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، 
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، 
أَمَرَنَا بِالْخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُسُوقِ 
وَالْعِصْيَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً 
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْمَبْعُوثُ بِالْحَقِّ وَحُسْنِ الْبَيَانِ، 
صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ 
تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: 
إِنَّ الأُمَّةَ الإِسْلاَمِيَّةَ ذَاتُ رِسَالَةٍ سَامِيَةٍ، تَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَتَحُثُّ عَلَيْهِ، وَتَنْهَى عَنِ الشَّرِّ  وَتُنَفِّرُ
 مِنْهُ، وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الشَّرِيعَةُ خَاتِمَةَ الشَّرَائِعِ 
السَّمَاوِيَّةِ: فَقَدْ عُهِدَ إِلَى هَذِهِ الأُمَّةِ قِيَادَةُ 
الْبَشَرِيَّةِ، وَإِنْقَاذُهَا مِنَ الضَّلاَلِ إِلَى الْهُدَى، 
وَأُمِرَتْ أَنْ تَظَلَّ جَاهِدَةً لِلْحِفَاظِ عَلَى تَقْوِيمِ 
الْفِطْرَةِ، وَتَهْذِيبِ الأَخْلاَقِ، وَمُحَارَبَةِ الْعَابِثِينَ 
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ أَمْرَ اللهِ، وَيَنْتَهِكُونَ حُدُودَ اللهِ، 
وَتَوْجِيهِهِمْ إِلَى صَلاَحِ دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ.
وَالْبَشَرِيَّةُ
 جَمْعَاءُ تُعَانِي مِنِ ابْتِلاَءَاتٍ وَفِتَنٍ، أَنْهَكَتْ قُوَاهَا، 
وَزَلْزَلَتْ أَرْكَانَهَا، وَعَصَفَتْ بِأَخْلاَقِهَا وَقِيَمِهَا، 
وَمِنْهَا: آفَةُ الْمُخَدِّرَاتِ الَّتِي أَقَضَّتْ مَضَاجِعَ الشُّعُوبِ 
وَالْحُكُومَاتِ، وَاسْتَنْفَرَتْ جَمِيعَ الأَجْهِزَةِ فِي دُوَلِ 
الْعَالَمِ  لِلْحَدِّ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ الَّذِي أَكَلَ الأَخْضَرَ وَالْيَابِسَ.
إِنَّ
 آفَةَ الْمُخَدِّرَاتِ عُنْوَانُ النِّهَايَةِ فِي الشَّرِّ وَالْفَسَادِ،
 وَانْحِطَاطِ الإِنْسَانِ مِنْ مَرْتَبَةِ الإِنْسَانِيَّةِ إِلَى 
أَسْفَلِ مَرَاتِبِ الْبَهِيمِيَّةِ؛ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ 
الْحِفَاظُ عَلَى الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ، 
وَمِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي أَمَرَ  الإِسْلاَمُ بِحِفْظِهَا، وَلَمَّا كَانَتِ الْخُمُورُ وَالْمُخَدِّرَاتُ مُغَيِّبَةً لِلْعُقُولِ، مُفْسِدَةً  لِلْفِطْرَةِ
 الْبَشَرِيَّةِ، جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِتَحْرِيمِهَا، وَقَدْ صَحَّ 
ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ r: «أُتِيَ
 لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلْيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، 
فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ أَخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
 السَّلاَمُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، وَلَوْ 
أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ t]،
 قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ: «وَيُحْتَمَلُ أَنْ 
يَكُونَ نَفَرَ مِنْهَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْتَدْ شُرْبَهَا، فَوَافَقَ 
بِطَبْعِهِ مَا سَيَقَعُ مِنْ تَحْرِيمِهَا بَعْدُ، حِفْظاً مِنَ اللهِ 
تَعَالَى لَهُ وَرِعَايَةً».
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ
 وَبَاءَ الْمُخَدِّرَاتِ يُقَوِّضُ الْحَضَارَةَ بِالتَّخْرِيبِ 
وَالتَّدْمِيرِ، وَيُحَطِّمُ الْقِيَمَ بِالْفَسَادِ وَالزَّوَالِ، 
وَيُفْسِدُ الأَخْلاَقَ بِالاِنْحِطَاطِ وَالضَّيَاعِ، فَعِنْدَمَا فَشِلَ 
الأَعْدَاءُ فِي زَعْزَعَةِ إِيمَانِ الأُمَّةِ وَالنَّيْلِ مِنْ 
قُوَّتِهَا: عَمَدُوا إِلَى سِلاَحٍ بَشِعٍ أَكْثَرَ خَطَراً وَأَشَدَّ 
ضَرَراً مِنَ الأَسْلِحَةِ الْفَتَّاكَةِ، تَأْثِيرُهُ سَرِيعٌ، 
وَمَفْعُولُهُ مُرِيعٌ، فَسَامُوا الْبَشَرِيَّةَ خُطَّةَ خَسْفٍ 
بِالْمُخَدِّرَاتِ، لِتَدْمِيرِ الأُمَّةِ، وَإِشْغَالِهَا فِي أَدْوَاءٍ 
لاَ تَسْتَطِيعُ الاِنْفِكَاكَ مِنْهَا.
وَقَدْ
 نَهَى الشَّارِعُ الْحَكِيمُ عَنْ جَلْبِ الضَّرَرِ لِلأُمَّةِ 
الإِسْلاَمِيَّةِ، وَالتَّخْطِيطِ لِلإِضْرَارِ بِأَفْرَادِهَا، 
وَإِشَاعَةِ الْفَسَادِ وَالإِفْسَادِ بَيْنَ أُسَرِهَا، وَتَفْكِيكِ 
وَحْدَتِهَا، وَتَمْزِيقِ رَوَابِطِهَا، لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي 
سُنَنِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ  عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ t: « أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَضَى أَنْ لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ»، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي صِرْمَةَ t «مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ].
عِبَادَ اللهِ:
تَحْكِي
 أُمٌّ قِصَّةً مُؤْلِمَةً عَنِ ابْنِهَا الَّذِي مَاتَ وَالِدُهُ وَهُوَ 
صَغِيرٌ، ثُمَّ كَبِرَ الطِّفْلُ، وَأَصْبَحَ صَبِيّاً فَاشِلاً تَمَاماً 
فِي دِرَاسَتِهِ، وَصَارَ يُدَخِّنُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً، 
وَكَانَتْ أُمُّهُ تُعْطِيهِ قِيمَةَ الدُّخَانِ، وَفَشِلَتْ فِي 
تَعْلِيمِهِ، وَذَاتَ يَوْمٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ حُجْرَتَهُ الْخَاصَّةَ، 
وَكَانَ يُعْطِي نَفْسَهُ حُقْنَةَ هِيرُوِينَ، ثَارَتْ عَلَيْهِ 
وَصَرَخَتْ، وَلَكِنَّهُ صَفَعَهَا وَخَرَجَ، وَأَصْبَحَ يَأْخُذُ كُلَّ 
مَالِ وَالِدَتِهِ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَتْ، حَتَّى فَكَّرَتِ الأُمُّ 
أَنْ تُبَلِّغَ الشُّرْطَةَ لأَِنَّهُ بَدَأَ يَسْرِقُ الْمَالَ، 
وَأَثْنَاءَ هَذَا التَّفْكِيرِ: دَخَلَ الاِبْنُ وَكَانَ مَنْظَرُهُ 
بَشِعاً، ثَقِيلَ اللِّسَانِ، أَصْفَرَ اللَّوْنِ، وَحَاوَلَ الاِعْتِدَاءَ
 عَلَى أُمِّهِ وَمَزَّقَ ثِيَابَهَا تَحْتَ تَأْثِيرِ الْمُخَدِّرِ، 
وَلَكِنْ بِفَضْلِ اللهِ اسْتَطَاعَتِ الأُمُّ الإِفْلاَتَ مِنْهُ، حَتَّى 
وَصَلَتْ بَيْتَ ابْنَتِهَا وَمَكَثَتْ شَهْراً، ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ 
ذَلِكَ مَعَ ابْنَتِهَا وَطِفْلَتِهَا الصَّغِيرَةِ إِلَى بِيْتِهَا، 
لَعَلَّهُ مَاتَ، أَوْ هَاجَرَ، أَوِ انْتَحَرَ، مِنْ جَرَّاءِ 
الْمُخَدِّرَاتِ، فَوَجَدَتْ أَنَّ ابْنَهَا بَاعَ أَغْلَبَ الأَثَاثِ، 
وَفِي هَذِهِ اللَّحَظَاتِ دَخَلَ ابْنُهَا الْمُدْمِنُ الْبَيْتَ 
السَّاعَةَ الثَّالِثَةَ صَبَاحاً، وَحَاوَلَ الاِعْتِدَاءَ بِوَحْشِيَّةٍ 
عَلَى الطِّفْلَةِ حَفِيدَتِهَا، فَذَهَبَتِ الأُمُّ مُسْرِعَةً إِلَى 
الْمَطْبَخِ وَجَاءَتْ بِسِكِّينٍ فَغَرَزَتْهَا فِي ظَهْرِهِ عِدَّةَ 
مَرَّاتٍ حَتَّى مَاتَ!، هَلْ مِنَ الْمَعْقُولِ أَنْ تَقْتُلَ الأُمُّ 
ابْنَهَا؟! هَذَا مُسْتَحِيلٌ وَلاَ يَقْبَلُهُ عَاقِلٌ لَوْلاَ مَا بَلَغَ
 هَذَا الْوَلَدُ الْعَاقُّ مِنَ الإِجْرَامِ مَبْلَغاً لاَ يُطَاقُ، 
هَذِهِ قِصَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ مَلِيئَةٌ بِالدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ، فَهَلْ 
مِنْ مُدَّكِرٍ؟!.
عِبَادَ اللهِ: 
نَعَمْ،
 كَانَ شَبَابُنَا وَفَتَيَاتُنَا ضَحِيَّةَ هَذَا الْمُخَطَّطِ الْكَبِيرِ
 وَالتَّدْبِيرِ الْفَاسِدِ، إِذْ وَقَعُوا فِي شِرَاكِ الدِّعَايَةِ 
السَّوْدَاءِ، الَّتِي تُثِيرُ الْغَرَائِزَ، وَتُخَاطِبُ الْعَوَاطِفَ، 
حِينَ زَعَمَ أَصْحَابُ السُّوءِ وَالضَّلاَلَةِ أَنَّ الْمُخَدِّرَاتِ 
مُنْسِيَةٌ لِلْهُمُومِ، مُسَلِّيَةٌ لِلنُّفُوسِ، مُقَوِّيَةٌ 
لِلأَبْدَانِ، مُعَوِّضَةٌ عَنْ فِقْدَانِ الذَّاتِ، فَأَضْعَفَتْ هَذِهِ 
الْمُخَدِّرَاتُ أَبْدَانَهُمْ، وَأَفْسَدَتْ تِلْكَ السُّمُومُ 
عُقُولَهُمْ، وَأَضَاعَتْ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، وَجَنَوْا عَلَى 
أَوْلاَدِهِمْ بِأَذِيَّتِهِمْ، وَتَدْمِيرِ مُسْتَقْبَلِهِمْ، وَبِذَلِكَ 
كَانُوا وَبَالاً عَلَى مُجْتَمَعِهِمْ، وَعَالَةً عَلَى كَاهِلِ 
أُمَّتِهِمْ.
إِنَّ
 مُدْمِنَ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ أَصْبَحَ يُزَعْزِعُ أَمْنَ 
الْمُجْتَمَعِ وَاسْتِقْرَارَهُ، بِمَا يُصَاحِبُ الإِدْمَانَ مِنْ مُجُونٍ
 وَفُجُورٍ فِي نَفْسِهِ، فَيَجْلِبُ عَلَيْهِ وَبَالاً وَدَمَاراً، فَقَدْ
 أَثْبَتَتِ الإِحْصَاءَاتُ الْعَالَمِيَّةُ أَنَّ نِسْبَةً كَبِيرةً مِنْ 
وُقُوعِ جَرَائِمِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى الْغَيْرِ، وَعَلَى مُمْتَلَكَاتِ 
الآخَرِينَ وَانْتِهَاكِ أَعْرَاضِهِمْ: إِنَّمَا تَتِمُّ بِسَبَبٍ 
مُبَاشِرٍ وَغَيْرِ مُبَاشِرٍ مِنْ تَعَاطِي أَنْوَاعٍ مِنَ الْخُمُورِ 
وَالْمُخَدِّرَاتِ، فَكَمْ مِنَ الْجَرَائِمِ ارْتُكِبَتْ تَحْتَ تَأْثِيرِ
 الْخُمُورِ وَالْمُخَدِّرَاتِ! وَكَمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ
 اقْتُرِفَتْ فِي غِيَابِ عَقْلِ الإِنْسَانِ وَإِرَادَتِهِ!، وَكَمْ مِنْ 
أَعْرَاضٍ انْتُهِكَتْ! وَكَمْ مِنْ أَمْوَالٍ سُرِقَتْ! وَكَمْ مِنْ 
أَبْدَانٍ هَدَّهَا الْمَرَضُ، وَسَمَّمَتْهَا الْمُسْكِرَاتُ!، وَكَمْ 
مِنْ عَدَاوَاتٍ تَأَجَّجَتْ نِيْرَانُهَا بَيْنَ الأَصْدِقَاءِ 
وَالأَقَارِبِ! وَكَمْ مِنْ بُيُوتٍ تَهَدَّمَتْ!.
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
إِنَّ
 تَعَاطِيَ الْمُخَدِّرَاتِ يُؤَثِّرُ عَلَى صَاحِبِهِ فِي دِينِهِ 
وَدُنْيَاهُ، كَمَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَيَاةِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ 
تَأْثِيرًا سَلْبِيّاً، فَانْشِغَالُ الْمُتَعَاطِي بِالْمُخَدِّرِ 
يُؤَدِّي إِلَى اضْطِرَابَاتٍ شَدِيدَةٍ فِي الْعَلاَقَاتِ الأُسَرِيَّةِ 
وَالرَّوَابِطِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ. فَكَمْ مَزَّقَتِ الْمُخَدِّرَاتُ 
وَالْمُسْكِرَاتُ مِنْ صِلاَتٍ وَعَلاَقَاتٍ!، وَفَرَّقَتْ مِنْ أُخُوَّةٍ 
وَصَدَاقَاتٍ!، وَشَتَّتَتْ أُسَراً وَجَمَاعَاتٍ!، وَأَشْعَلَتْ 
أَحْقَاداً وَعَدَاوَاتٍ!؛ قَالَ تَعَالَى: )إِنَّمَا
 يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ 
وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ 
اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ( [المائدة:91].
وَاعْلَمُوا
 يَا رَعَاكُمُ اللهُ أَنَّ تَعَاطِيَ الْمُخَدِّرَاتِ وَشُرْبَ الْخُمُورِ
 يُنَافِي كَمَالَ الإِيمَانِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ الرَّسُولُ r: «لاَ
 يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ 
الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ 
حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 
وَمُسْلِمٌ]، كَمَا أَنَّ مُتَعَاطِيَ الْمُخَدِّرَاتِ وَشَارِبَهَا لاَ 
تُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ يَوْماً، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ- رَضِيَ 
اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ: «مَنْ
 شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ 
صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ 
يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَإِنْ تَابَ تَابَ 
اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً 
أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ 
الرَّابِعَةَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحاً، 
فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ 
الْخَبَالِ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ؟
 قَالَ: نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ].
بَارَكَ
 اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْوَحْيَيْنِ، وَنَفَعَنِي وَإيَّاكُمْ بِهَدْيِ 
سَيِّدِ الثَّقَلَيْنِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي 
وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ خَيْرُ 
الْغَافِرِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ
 لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ 
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، 
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، 
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؛ قُدْوَةُ 
الْمُؤْمِنِينَ، وَخَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى 
آلِهِ وَصَحَابَتِهِ الْبَرَرَةِ الْمُتَّقِينَ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً 
كَثِيراً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ )وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( [آل عمران:131-132].
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ:
إِنَّ غَرْسَ الإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَبِكَتَابِ اللهِ تَعَالَى وَبِسُنَّةِ رَسُولِهِ r فِي
 نُفُوسِ النَّاسِ: أَسَاسُ الصَّلاَحِ وَالْوِقَايَةِ مِنْ كُلِّ فَسَادٍ 
وَخَطَرٍ يُهَدِّدُ الْمُجْتَمَعَ بِأَسْرِهِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ
 مُسْلِمٍ - أَيّاً كَانَ عَمَلُهُ وَعِلْمُهُ، وَفِي أَيِّ مَكَانٍ وَجَدَ
 نَفْسَهُ - أَنْ يَغْرِسَ ذَلِكَ الإِيمَانَ فِي نُفُوسِ الأَفْرَادِ 
وَالأُسَرِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ؛ لِتَخْلِيصِ الشُّعُوبِ الإِسْلاَمِيَّةِ 
مِنِ اقْتِرَافِ الْمُنْكَرَاتِ، وَقِيَامِهَا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، 
عَلَى أَنَّ الاِسْتِقَامَةَ عَلَى شَرْعِ اللهِ وَمَنْهَجِهِ الْقَوِيمِ، 
وَتَعْمِيقَ رُوحِ الإِيمَانِ فِي النُّفُوسِ، وَالاِسْتِجَابَةَ 
لأَِوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَالْمُسَارَعَةَ 
إِلَى تَلْبِيَةِ نِدَاءِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلاَ، وَالتَّأَدُّبَ 
بِالآدَابِ الإِسْلاَمِيَّةِ الْفَاضِلَةِ، وَالْتَحَلِّيَ بِالأَخْلاَقِ 
الْحَسَنَةِ، وَالسَّيْرَ عَلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، 
وَالاتِّصَافَ بِصِفَاتِ أَهْلِ الإِيمَانِ: كُلُّ ذَلِكَ يَحْفَظُ 
الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ، وَيُجَنِّبُهُ الْوُقُوعَ فِي أَوْحَالِ 
الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، وَيَحْمِيهِ مِنْ سُلُوكِ طَرِيقِهَا، 
وَيَمْنَعُهُ مِنَ الاِسْتِجَابَةِ لِدَعَوَاتِ أَصْحَابِهَا، فَيَكْفُلُ 
لَهُ السَّعَادَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَيَفُوزُ بِمَوْعُودِ 
اللهِ تَعَالَى الَّذِي وَعَدَ بِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ 
الْمُسْتَقِيمِينَ: )إِنَّ
 الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ 
عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
 بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي 
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي 
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ( [فصلت:30-31].
أَيُّهَا الآبَاءُ، أَيَّتُهَا الأُمَّهَاتُ:
نَحْنُ مَسْؤُولُونَ  أَمَامَ اللهِ تَعَالَى عَنْ أَبْنَائِنَا أَحَفِظْنَاهُمْ  أَمْ ضَيَّعْنَاهُمْ؟؛ «فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ  مِنْ
 حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا]. فَيَجِبُ أَنْ نُوَفِّرَ 
مُقَوِّمَاتِ التَّرْبِيَةِ الصَّالِحَةِ، وَنَحُثَّ أَوْلاَدَنَا عَلَى 
حَلَقَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَعْمَلَ عَلَى تَوْفِيرِ الْمَحَاضِنِ
 الصَّالِحَةِ لِلأَبْنَاءِ: مِنْ بَيْتٍ حَرِيصٍ عَلَى إِقَامَةِ 
شَعَائِرِ الإِسْلاَمِ، وَجَلِيسٍ صَالِحٍ يَدُلُّ عَلَى الْخَيْرِ، 
وَيَقْظَةٍ دَائِمَةٍ تَحْفَظُ الأَوْلاَدَ مِنَ الزَّيْغِ 
وَالاِنْحِرَافِ.
كَمَا
 أَنَّ عَلَى الْوَسَائِلِ الإِعْلاَمِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ 
الْمَرْئِيَّةِ وَالْمَسْمُوعَةِ وَالْمَقْرُوءَةِ الْقِيَامَ بِمَشْرُوعِ 
تَوْعِيَةٍ مُتَكَامِلٍ يَتَجَاوَزُ الْمُنَاسَبَاتِ الْحَوْلِيَّةَ، 
وَرَدُودَ الأَفْعَالِ الآنِيَّةَ إِلَى بِرْنَامِجٍ مُنَظَّمٍ مَدْرُوسٍ، 
يُبْرِزُ مُهِمَّةَ الأُسْرَةِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالْمُجْتَمَعِ عَلَى 
تَرْسِيخِ الأَخْلاَقِ الْفَاضِلَةِ، وَالصُّحْبَةِ الصَّالِحَةِ، 
وَيَحُثُّ الْمُؤْسَّسَاتِ التَّرْبَوِيَّةَ وَالتَّعْلِيمِيَّةَ 
وَالاِجْتِمَاعِيَّةَ وَالأَنْدِيَةَ الرِّيَاضِيَّةَ عَلَى تَوْفِيرِ 
الْمُنَاخِ الْمُنَاسِبِ لَشَغْلِ فَرَاغِ  الشَّبَابِ وَالْفَتَيَاتِ بِمَا يُسْهِمُ فِي نَهْضَةِ الْمُجْتَمَعِ ، وَرُقِيِّ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ.
وَلاَ
 نَنْسَى أَنَّ عَلَى رِجَالِ الْعِلْمِ، وَأَهْلِ الرَّأْيِ، وَحَمَلَةِ 
الأَقْلاَمِ أَنْ يُسْهِمُوا فِي التَّوْعِيَةِ مِنْ مَخَاطِرِ الْوُقُوعِ 
فِي أَوْحَالِ الْخُمُورِ وَمُسْتَنْقَعَاتِ الْمُخَدِّرَاتِ لِتَحْصِينِ 
أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ جَرَائِمِ الْمُسْكِرَاتِ وَتَأْثِيرِهَا 
الْفَاسِدِ عَلَى الْعُقُولِ وَالأَخْلاَقِ وَالصِّلاَتِ.
فَطُوبَى
 لِلتَّائِبِينَ النَّاجِينَ مِنَ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ 
الْحَاصِدَةِ لِلأَرْوَاحِ، وَالْمُفْسِدَةِ لِلْعُقُولِ، وَالْمُهْلِكَةِ  لِلأَبْدَانِ،
 وَطُوبَى لِمَنْ عَاوَنَ وَأَسْهَمَ فِي التَّوْعِيَةِ وَالإِنْقَاذِ 
بِالْكَلِمَةِ، أَوِ الْقَلَمِ، أَوِ الْمَالِ، أَوِ الْوَقْتِ، أَوْ أَيِّ
 جُهْدٍ فِي سَبِيلِ إِنْقَاذِ الإِنْسَانِيَّةِ وَتَخْلِيصِهَا مِنْ 
سُمُومِ الْمُخَدِّرَاتِ. فَمَنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَغَفَرَ 
زَلَّتَهُ، وَأَقَالَ عَثْرَتَهُ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: )إِلَّا
 مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ 
اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * 
وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا( [الفرقان:70-71 ].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: )إِنَّ
 اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا 
الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [الأحزاب:56]؛
 فَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى سَيِّدِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَإِمَامِ
 الْمُرْسَلِينَ.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، 
كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ 
حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا 
بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ 
مَجِيدٌ، وَسَلِّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً. اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا 
الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ 
وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّنَا مِنَ 
الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَكُونَ ضَالِّينَ 
أَوْ مُضِلِّينَ، أَوْ أَنْ تَجْعَلَنَا فِي دِينِكَ مِنَ الْمَفْتُونِينَ.
 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ 
وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ
 أَمِيرَ الْبِلاَدِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا 
فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا 
سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
وزارة الاوقاف الكويت  
 
 
 
 
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..