كان كل ما تبقى من منزل عائلة السواركة في غزة، بعد استهدافه بصواريخ حربية إسرائيلية، أربع حفر عميقة في الأرض.
وفي فجر الخميس، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلي عائلة السواركة، المكونين من ألواح الصفيح والبلاستيك، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الغارة الإسرائيلية أودت بحياة 8 فلسطينيين من العائلة، بينهم 5 أطفال وسيدتان.وفي وقت سابق الجمعة، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه قتل عائلة فلسطينية من 8 أفراد بقصف منزلها في قطاع غزة عن طريق "الخطأ" حسب صحيفة إسرائيلية.
تفاصيل اللحظات الأخيرة
في الليلة التي قُصف فيها المنزلان، لم تعرف عينا الصغيرة نور السواركة (12 عاما) إحدى الناجين من الموت، النوم، وتملكها الخوف الشديد مع ارتفاع صوت الطائرات الإسرائيلية، وتقول إنها شاهدت ضوءا أحمر، وسمعت صوت انفجار قوي.وقالت إنها ركضت بسرعة خارج الدار ووقفت في مكان قريب من بيتها. وعندما غابت أصوات الانفجارات، عادت نور بخوف إلى مكان منزلها، وصُدمت مما رأت، فقد تحول البيت إلى حفرة كبيرة وأهلها تحت الأنقاض.
نور كانت في المستشفى لزيارة الجرحى من أسرتها، وهم نيرمين (10 سنوات) مصابة بكسر في القدمين، وريم (8 سنوات) مصابة بكسر بالأنف، وسالم (3 سنوات) مصاب بكسر في الحوض، ووالدها محمد (40 عاما) الذي يرقد في غرفة العناية المركزة.
أما والدتها يسرى (39 عاما) فقد استشهدت وشقيقاها: معاذ (7 سنوات) ووسيم (13 عاما) ولم يعد للصغيرة الناجية وأشقائها مأوى سوى منزل جدتها الصغير، وتقضي معظم يومها في زيارة أفراد أسرتها المصابين.
وفي المستشفى، يتجمع عدد من الجرحى الصغار والعديد من الأقارب وفاعلي الخير من النساء ممنّ أخذن على عاتقهنّ الوقوف بجانب العائلة المكلومة.
الناجون يتحدثون
أما الطفل ضياء السواركة (13 عاما) وهو ناجٍ آخر من مصير عائلته، فهو لا يدرك تماما حتى اللحظة حجم المصاب الذي تعرضت له أسرته.ويضع ضياء على وجهه ضمادات طبية، إثر إصابته بشظية جراء القصف، وهو يركض أمام منزل جدته الذي بات مأواه الوحيد أيضا هو والناجين من القصف، ولم تعنه كثيرا مشاهد النساء اللواتي يرتدين الأسود ويتوافدنّ لتأدية العزاء باستشهاد عائلته.
يقول ضياء" كنت مستلقيا في منزلنا المسقوف من الصفيح، شاهدت المكان تحول للون أحمر، وصوت انفجارين بمنزل عمي المجاور، هربت مسرعا من المنزل للخارج، إلى حيث منزل جدتي (يبعد حوالي 500 متر).
وأضاف "حدثت انفجارات أخرى وأنا أركض، وصلت جدتي وطلبت منها الاتصال بالإسعاف لأنهم قصفوا منزلنا، ولم تكن جدتي تعرف أن منزلنا تعرض للقصف".
وضياء الذي يصفه أحد أقربائه بأنه يمتلك جرأة وقوة قلب، أوضح بالقول "عدت لمكان القصف مع أخي محمد ورجل آخر من الجيران، ووجدت الناس في المكان، وشاهدت أخي مهند (12 عاما) مدفونا في التراب، ورجليه في الخارج، ونيرمين ابنة عمي (10 سنوات) مدفونة في التراب.
مأساة ما بعد المجزرة
سلمية السواركة (70عاما)، جدة الأطفال، بدت مهمومة مثقلة بمصابها وبالمسؤولية التي آلت إليها، وقالت "الأطفال سيعيشون عندي في البيت، وحملهم ثقيل، ووضعهم المادي صعب، ومنزلهم من الصفيح والبلاستك، حتى تعليم أطفالهم لم يقدروا عليه، وعدد منهم تركوا الدراسة".وأضافت" لا أعرف كيف سأدبر لهم الطعام والشراب ومتطلبات الحياة، وأربيهم حتى يكبروا، وهذا فوق طاقتي".
وأوضحت أنها طلبت من الجيران المساعدة بعد أن عرفت بأمر القصف الإسرائيلي على المنزل، ثم أخبروها بعد ذلك، بأن هناك ثمانية شهداء من أولادها وزوجاتهم وأطفالهم. وقالت "كانت صدمة كبيرة".
أما عواطف السواركة (35 عاما) عمة الأطفال الشهداء والجرحى، فبدت الأكثر تماسكا في العائلة، وتحدثت بنبرة حزن قائلة "إن ما حدث مع أسرتي شقيقيّ رسمي ومحمد، شيء يفوق العقل والمنطق، كيف لصواريخ تزن أطنان تلقى على منزل من الصفيح، لو أشعلت نارًا فيه فسيحترق في دقائق".
وتضيف "دمروا المنزل فوق رؤوس ساكنيه أطفال ونساء من دون سابق إنذار؛ لا أعلم أين القانون الدولي وأصحاب الضمائر في العالم تأتي لترى ما حدث، بأي وجه حق قصفت المنازل"؟
وبخصوص مزاعم إسرائيل قصف المنزلين بالخطأ، قالت "هذه شماعة الاحتلال التي يعلق عليها جرائمه، واعتقد أن سكوت العالم هو من شجعه على ارتكاب الجرائم".
ومنذ فجر الثلاثاء وحتى فجر الخميس، شنّ جيش الاحتلال
الإسرائيلي عملية عسكرية على غزة، بدأها باغتيال القائد البارز في سرايا
القدس، الذراع المسلّح لحركة الجهاد الإسلامي، بهاء أبو العطا وزوجته،
وأسفرت إجمالا عن ارتقاء 34 شهيدا بينهم 8 أطفال و3 نساء، وإصابة 111 آخرين
بجراح مختلفة.
المصدر
الجزيرة مباشر
الأناضول
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..