إِنَّ
مِنَ الآدَابِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهَا طَالِبُ الْعِلْمِ
وَالْمَعْرِفَةِ: الدُّعَاءَ لأَصْحَابِ السَّبْقِ وَالْفَضْلِ وَالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، كَمَا دَعَا النَّبِيُّ r لابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا رَأَى ذَكَاءَهُ وَنُبُوغَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ]، فَنَالَ مَكَانَتَهُ، وَحَظِيَ بِمَنْزِلَتِهِ بِفَضْلِ دُعَاءِ النَّبِيِّ r لَهُ. وَهَذَا هُوَ نَبِيُّنَا وَرَسُولُنَا r يُصَوِّرُ مَكَانَةَ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ؛ فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ t قَالَ: قَالَ: الرَّسُولُ r «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ»، ثُمَّ قَالَ الرَّسُولُ r:
«إِنَّ
اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِ، حَتَّى
النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى
مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ]، كَمَا أَنَّ مَنْ
أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْراً يَسَّرَ لَهُ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ،
وَتَعَلُّمَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي
سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الرَّسُولُ r: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
فَإِذَا
كَانَتْ هَذِهِ دَرَجَةَ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ فَحَرِيٌّ بِنَا -
عِبَادَ اللهِ- أَنْ نُجِلَّهُمْ، وَنَعْرِفَ قَدْرَهُمْ وَمَنْزِلَتَهُمْ؛
فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ t قَالَ: قَالَ الرَّسُولُ r: «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ»
[رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ]، وَإِنَّ مِنْ حَقِّ الْعُلَمَاءِ
عَلَيْنَا: احْتِرَامَهُمْ، وَالتَّوَاضَعَ لَهُمْ، وَلِينَ الْقَوْلِ
وَالْجَانِبِ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ تَوْقِيرُهُمْ وَإِجْلاَلُهُمْ
وَاحْتِرَامُهُمْ، وَهَذَا مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمْ، يَقُولُ الشَّعْبِيُّ
رَحِمَهُ اللهُ: «صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جَنَازَةٍ ثُمَّ
قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَةٌ لِيَرْكَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ
بِرِكَابِهِ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: خَلِّ عَنْهَا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ
اللهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا أُمِرْنَا نَفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ
وَالْكُبَرَاءِ».
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ هَارُونَ بِنَفْسِهِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:
وَأَجَلُّهُ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ عِلْمُهُ فَيَرَى لَهُ الإِجْلاَلَ كُـــــلُّ جَلِيلِ
وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ كَالْخُلَفَــــاءِ عِنْدَ النَّاسِ فِي التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ
وَمِنْ
ثَمَّ الأَخْذُ مِنْهُمْ، وَطَلَبُ الْعِلْمِ عَلَى أَيْدِيهِمْ،
وَمُجَالَسَتُهُمْ وَمُخَالَطَتُهُمْ، وَالتَّأَدُّبُ عَلَى أَيْدِيهِمْ،
كَمَا أَوْصَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ابْنَهُ:
«يَا بُنَيَّ إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ
أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ».موقع تغطية مباشر - الاوقاف الكويتية
0 تعليقات
أهلا وسهلا ومرحبا بك في موقع تغطية مباشر : ضع ردا يعبر عن اناقة أخلاقك ، سنرد على اي استفسار نراه يحتاج الى اجابة ، ادعمنا برأيك وضع تعليقا للتشجيع ..