ميزة جدول التنقل

جدول التنقل

خطبة جمعة مكتوبة بعنوان : خالق الناس بخلق حسن

الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، القائل:« من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا» اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.




أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا، قال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم)

أيها المسلمون: الإنسان اجتماعي بطبعه يأنس بالمخالطة، ويميل إلى التآلف فيما بينه وبين الناس، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك في قوله تعالى:( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)

والعلاقات الاجتماعية لا تخلو من زلل يعكر صفوها، أو خلل يغير حالها، ومن علامات الخير في المسلم مخالطة الناس والصبر على أخطائهم والترفع عن هفواتهم، قال صلى الله عليه وسلم :« إن المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».

ومن أجل قيام مجتمع متماسك شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة من الآداب والفضائل التي تقوي الأواصر بين أفراد المجتمع وتزيد المودة بينهم، فأوصى بإطعام الطعام، وبذل التحية والسلام فيما بين الناس، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم أى الإسلام خير؟ قال :« تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» فالسلام رسالة حب ووئام، وسبب لمغفرة الذنوب والآثام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا».

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيه أحد من أصحابه فقام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه صلى الله عليه وسلم.

وما أجمل أن يتوج السلام بالابتسامة وطلاقة الوجه حتى يأخذ محله في القلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق».
عباد الله: ومن الآداب الاجتماعية التي أولاها الإسلام أهمية خاصة آداب المجالس، فهي دواوين الرجال، التي تعقد فيها مجالس الخير والمعروف والصلح بين الناس، قال تعالى:( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما)
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يتنافى مع أدب الجلوس، فمنع أن يتناجى اثنان دون الثالث لأن ذلك يحزنه، قال صلى الله عليه وسلم :« إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه».
وأمر بالتوسعة للقادمين، قال عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم)
وسن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء كفارة المجالس فقال :« كفارة المجالس أن يقول العبد: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك».
فليحرص الآباء على أن يحضر الأبناء مجالس الرجال ليتعلموا عادات الأجداد، فالمجالس تربي الأجيال والشباب على القيم النبيلة والعادات الأصيلة والتقاليد الجميلة وحب الوطن.
أيها المسلمون: وتتوطد العلاقات الاجتماعية بتبادل الزيارات، في الأفراح والمناسبات، ومن آدابها اختيار الوقت المناسب، فلا تستحسن الزيارة وقت خلود الناس للراحة، ولا يليق طرق الباب بعنف، أو الوقوف مقابل الباب؛ فإنما جعل الاستئذان من أجل البصر، ويكف عن المراقبة إن لم يؤذن له بالدخول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا تأتوا البيوت من أبوابها، ولكن ائتوها من جوانبها، ثم سلموا، فإن أذن لكم فادخلوا، وإلا فارجعوا»
ومن لبى دعوة لأخيه فعليه أن لا يثقل عليه باصطحاب من لم توجه له الدعوة إلا أن يأذن صاحب الدعوة، فقد دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ضيافة عند رجل، فقال له:« إنك دعوتنا خامس خمسة وهذا رجل قد تبعنا، فإن شئت أذنت له، وإن شئت تركته». قال: بل أذنت له.
ولا يطيل المكث بعد الطعام لئلا يشغل أهل الدار ويتعبهم، قال تعالى:( فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث) فهذه الفضائل تنشر المحبة بين الناس، وتزيد الألفة والاستئناس.
اللهم جملنا بالحلم، وزينا بالعلم وأدبنا بآداب الإسلام، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)   
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى، واعلموا أن من أصول الآداب الاجتماعية معرفة منازل أصحاب الحقوق علينا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أنزلوا الناس منازلهم». فللوالدين رعاية وآداب يجب الالتزام بها من التفقد والسؤال وحسن التخاطب معهما، وللكبار أدب يتعامل به من هو أصغر منهم بإكرامهم واحترامهم وتقديم العون لهم، وللصغار آداب ينبغي مراعاتها من العطف عليهم وحسن توجيههم، وللمعلمين أدب يجب على الطلاب تجاههم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه».
والشيبة وحافظ القرآن الكريم والحاكم ومن في حكمهم لهم علينا كل التقدير والتوقير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط».
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال  تعالى:(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا» وقال صلى الله عليه وسلم :« لا يرد القضاء إلا الدعاء».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه فى قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم أصلح لنا نياتنا، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا، واجعلهم قرة أعين لنا، واجعل التوفيق حليفنا، وارفع لنا درجاتنا، وزد في حسناتنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته،  ولا ميتا إلا رحمته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم وفق ولي أمرنا رئيس الدولة، الشيخ خليفة ونائبه لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات وولي عهده الأمين.
اوقاف الامارات 

إرسال تعليق

0 تعليقات